
هل يمكننا ممارسة الجنس في الشهرين الأولين على الحمل؟ وماذا عن الأشهر اللاحقة هل هناك محاذير معينة؟ وماذا عن الشهر التاسع هل من الأمان ممارسة العلاقة الجنسية.
التغيرات الفيزيولوجية
يسبب الحمل زيادة كبيرة في معدل الهرمونات الاسترويدية في الدم، ولا سيما هورمون التستوسترون الذي يعتبر”رسول الرغبة الجنسية” فيما بين الطرفين. هذا التغيّر الهرموني يفسّر جانبا من جوانب السلوك الجنسي أثناء الحمل.
عام 1973 كتب ماسترز تقريرا عن هذا الموضوع، ملاحظا أن وتيرة العلاقة الجنسية تنخفض خلال الفصل الأول من الحمل، وهذا الانخفاض غالبا ما يعود – بحسب رأيه – الى عوامل نفسية. والواقع أن عددا من النساء يشعرن بخوف كبير وقلق من المستقبل في بداية حملهن. وتصاب المرأة الحامل بالغثيان وتتقيأ صباحا، مما يجعلها تشعر بتعب شديد. ان ردّات الفعل الفيزيولوجية، التي يقال أحيانا انها مرتبطة بالحالة النفسية تجعلها تشعر بالذنب وتضعف الرغبة الجنسية لديها وقدرتها على بلوغ النشوة الجنسية.
خلال الفصل الثاني من الحمل تشعر المرأة برغبة جنسية متزايدة، بسبب ارتفاع معدل الهرمونات في الدم واحتقان الحوض. لهذا نراها تقبل على العلاقة الجنسية بوتيرة متزايدة ورغبة واضحة.وفي هذه الفترة بالذات ثمة نساء يختبرن الرعشة الجنسية (هزة الجماع ) للمرة الأولى في حياتهن. في المقابل قد يشعر الزوج أحيانا بانخفاض رغبته الجنسية في هذه الفترة، اذ تصبح حركات الجنين ملحوظة، و يبدأ الزوج بادراك التغيّرات التي تطرأ على حياته. هذا يعني أن الزوجين لا يكونان دائما على ” نفس الموجة” في هذه الفترة. فالزوج يخشى من مضايقة الجنين أثناء الجماع أو تطغى في نظره صورة الأم على صورة الزوجة.
يرى ماسترز أن الرغبة الجنسية لدى المرأة تنخفض مجددا خلال الفصل الثالث من الحمل، وذلك بسبب عدم ارتياحها جسديا، ولكونها تنتظر طفلها بفارغ الصبر.وتتضاعف مخاوف الزوجين من احتمالات الاضرار بالجنين جراء العلاقة الجنسية اذا جاء الحمل بعد فترة طويلة من العقم أو بعد اجهاضات متكررة.
والواقع أن هناك دراسات لاحقة لم تثبت دقّة ملاحظات ماسترز.فقد أجرى ويلي باسيني مقابلات مع 100 امرأة حامل، واكتشف من خلال حديثهن أن الرغبة الجنسية لديهن تتراجع مع تقدّم الحمل. وهذا التراجع أكثر ظهورا لدى المرأة التي تحمل للمرة الاولى مما هو لدى المرأة التي رزقت بأطفال آخرين.
في مثل هذا النوع من الاحصائيات يمكن القول أن لنصائح الطبيب تأثيرا قويا في اجابات المرأة، فهو الذي يقرّر بحسب الحالات ان كان ينبغي متابعة الحياة الجنسية كالعادة أو الامتناع عن أي نشاط جنسي. من هنا نرى أن التعميم في هذا المجال يعّرضنا لأخطاء كبيرة في الاستنتاج. واذا أردنا الاعتماد على خبرة العاملين في مجال الطب السريري نقول بأن النساء مختلفات جدا فيما بينهن على الصعيد الرغبة الجنسية أثناء فترة الحمل، فبعضهن يعزف كليا عن الجنس، بينما يصبح بعضهن الاخر أكثر استعدادا للاثارة وأكثر اقبالا على العلاقة الجنسية.
عام 1979 أجرى نايي احصائية تناولت 26886 حالة حمل، قادته الى الاستنتاج بأن كثرة المجامعة أثناء الحمل تعّرض السائل السابيائي لخطر الاصابة بعدوى فيروسية. وبحسب تلك الاحصائية فان المجامعة قبل بدء المخاض يضاعف خمس مرات احتمال ولادة الطفل ميتا، كما يضاعف نسبة المواليد المصابين بمشاكل في التنفس. أما اليوم فهناك اعتراضات علمية قوية على تلك الدراسة واستنتاجاتها. مع ذلك فانها تدعو الطبيب الى تحذير المرأة التي تعاني من مشاكل في حملها من كثرة المجامعة أثناء الحمل. ومن تلك المشاكل أن تكون قد ولدت من قبل قبل أوانها أو حملت بأكثر من جنين أو اذا أصيبت بنزف بسيط غير مبرّر.
ان قرار الطبيب في هذا الشأن يجب أن يأخذ بعين الاعتبار العوامل الفيزيولوجية والنفسية. وقد أثبتت أبحاث باسيني أهمية نظرة المرأة الى حملها. فالمرأة التي تنظر بايجابية الى حملها، بما في ذلك علاقتها الودودة والايجابية مع زوجها، تستطيع مواصلة العلاقة الجنسية أثناء الحمل وتحسين نوعيتها. في المقابل هناك نساء يتحجّجن بوضعهن لتفسير تراجع احساسهن بالمتعة أثناء العلاقة الجنسية.
أخيرا، ينبغي الاشارة الى أن المرأة الحامل تشعر بحاجة قوية الى ملامسات رقيقة واتصال جسدي حنون، وهذه الحاجة الى ضمّة الزوج والعلاقة الحميمة معه تغني معظم الحوامل عن العلاقة الجنسية الكاملة.
Comments are closed.