ثمّة أمراض سريعة الانتشار والعدوى بين الأطفال أبرزها داء الحصبة؛ الذي كان حتى وقت قريب من بين أهمّ أسباب الوفاة في صفوفهم، إلا أنه مع اكتشاف وتوافر اللقاح الخاص به تراجعت معدّلات الوفاة بصورة كبيرة عن ذي قبل، وتمكّن الأطباء من السيطرة على مضاعفاته. ورغم ذلك، ما تزال الإصابة بالحصبة تعتبر أحد الأسباب الرئيسة لوفاة الصغار في جميع أنحاء العالم، وذلك وفقاً لإحصائية حديثة نشرتها “منظمة الصحة العالمية” تؤكّد فيها أنه في العام 2008 بلغت حالات وفيّات الحصبة نحو 164.000 حالة حول العالم، أيّ ما يقارب 450 حالة وفاة يومياً، بمعدّل 18 حالة كل ساعة!
الاستشاري في طب الأطفال والأمراض الصدرية والحساسية ومدير مركز الأمراض الصدرية والحساسية واضطرابات النوم في مستشفى سليمان فقيه في جدة الدكتور محمد برزنجي يوضح لنا أهمّ مراحل المرض وأعراضه ومضاعفاته، بالإضافة إلى كيفية الوقاية منه:
تحدث غالبية حالات الإصابة بالحصبة في سنّ لا تتجاوز السنوات الخمس، علماً أنّه نادراً ما يتعرّض إليها الأطفال حديثو الولادة وحتى الأشهر القليلة الأولى من أعمارهم؛ إذ يكتسبون مناعةً من دم أمهاتهم في خلال هذه الفترة من أعمارهم. وينتقل فيروس الحصبة، وهو ميكروب صغير، عن طريق استنشاق الرذاذ المتطاير من فم المريض أو من أنفه، والذي ينشره أثناء تنفّسه وعطسه بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، وعبر ملامسة أغراض المصاب الملوّثة بإفرازات من الأنف والفم أو مخالطته عن كثب، حيث يظلّ الفيروس نشطاً في الهواء أو على المساحات الملوّثة به لقرابة الساعتين. وينمو هذا الفيروس في الخلايا التي تغطّي البلعوم الأنفي والرئتين، وتتراوح فترة حضانته أيّ الفترة ما بين الإصابة به وظهور الأعراض ما بين 10 إلى 12 يوماً، لتبدأ بعدها أعراض المرض في الظهور. وتعدّ الحصبة من الأمراض التي تخلّف وراءها مناعة تدوم مدى الحياة، أما أكثر الأطفال عرضة للمرض فهم ممّن لم يتعرّضوا إليه مسبقاً أو لم يتلقّوا اللقاح المضاد.
أعراضه…
وقد يقوم الطبيب بتشخيص الحصبة قبل ظهور الطفح الجلدي عن طريق التعرّف على ما يسمّى طبياً بـ Koplik’s spots، وهي بقع بيضاء تظهر على الغشاء المبطّن داخل الفم أو الناحية الداخلية للخد.
وتجدر الإشارة إلى أن الطفل يكون معدياً للآخرين قبل ظهور الطفح الجلدي، أيّ في مرحلة اعتقاد الأهل إصابته بالإنفلونزا أو نزلات البرد العادية. وهنا، تكمن الخطورة إذ يستمر في الذهاب إلى المدرسة ومخالطة أصدقائه أو إخوانه، بدون علم والديه بإصابته بالحصبة. وتستمرّ إمكانية العدوى لما بعد ظهور الطفح الجلدي.
وفي حال الاختلاط بطفل مصاب رغم عدم تناول اللقاح مسبقاً، ينصح باستخدام مادة خاصّة تسمّى “الجاماجليوبولين” والتي تمدّ الجسم بمناعة مؤقّتة يتمّ اكتسابها منذ وقت الحقن، فيما المصل تبدأ مناعته بعد فترة من الوقت.
Comments are closed.