الألم ليس قدرا محتوما، ولكنه يمكن أن يصبح أحيانا ضمن الحياة اليومية لدي الأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة، والأولوية هي مكافحة الآلام على كل الجبهات حتى لا نترك الميدان خاويا لهجمات النوبات المؤلمة.
وهناك فوائد كبيرة لوجود الألم، حيث إنه يعد بمثابة الضوء الأحمر الذي ينبئ بحدوث خلل ما أو بدايات لمرض خطير مما يسمح بالتصدي لها في وقت مبكر، فآلام الأسنان علي سبيل المثال تنبئ بأن هناك تسوساً أو خراجاً وتأتي مطالبة بالمعالجة، وآلام العظام تخبرنا بأن هناك خشونة أو نقرس مثلا، …إلخ.
ويتميز الألم المزمن بطول المدة، فالألم الحاد يُحسب بالساعات أو الأيام، وسرعان ما يشفي بالأدوية، والألم المزمن يستمر أكثر من ثلاثة أشهر.. قد يكون متقلبا ويظهر علي هيئة نغز أو نقر بالنسبة لبعض الأمراض، أو قد يتواجد في كل أنحاء الجسم بالنسبة لآخرين.
وكثير من المرضى لديهم شعور بتحقيق مدى طويل من تناول الأدوية الطبية لمكافحة تلك الآلام قبل إيجاد العلاج المناسب. والعقاقير ليست دائما كافية لتخفيف الأعراض حيث ينبغي التعامل مع الألم المزمن بشكل شامل للحد من تأثيره على الحياة اليومية.
يقول الدكتور “بوكار” مدير معهد UPSA للألم: “المرضى الذين تم فحصهم في مركز السيطرة على الألم يعانون من الآلام بعد العمليات الجراحية التي تسبب فيها الجَراح من غير قصد، وجروح الأنسجة التي تم فتحها أثناء العمليات حيث تسبب الألم الذي يمكن أن يصبح مزمنا بسهولة”.
وهناك أيضا ضمور الأعصاب الذي يحدث نتيجة لصدمة بسيطة مثل الالتواء، ويمكن أن يكون هناك رد فعل يثير المزيد من الألم الذي ينتشر على نطاق واسع في الجسم، ويستقر في نهاية المطاف.
الأورام الليفية “الفيبروميالغيا” التي لا يزال منشأها غير معروف جيدا، تصبح كابوسا حقيقيا بالنسبة للمرضى والألم يصبح يوميا، ناهيك عن آلام الروماتيزم والآلام المزمنة ذات الصلة الوثيقة بأمراض أكثر خطورة مثل السرطان.
يجب أن نفهم أننا لا نعالج من الألم المزمن في غضون أسبوع واحد، فإذا كان الألم موجودا منذ وقت طويل فسوف يستغرق فترة طويلة للتخلص منه.
يقول الطبيب “بوكار”: “إذا كنت تعاني من آلام الظهر، ستكون استشارة أخصائي العلاج الطبيعي ذات فائدة كبيرة، ويمكنك أيضا أن تتعلم كيف تنتهج نمطاً حركياً صحياً (حركات صحيحة لا تسبب الألم في الظهر)، إن إدارة الألم يجب أن تكون بمثابة فريق يتم التنسيق فيما بينه لمعالجة جميع جوانب الألم”.
يتم علاج المريض خطوة بخطوة في برنامج يتم تنفيذه ورصده بعناية. فور إتمام التشخيص، يأتي دور تحديد العلاج الملائم، ويجب أن يتاح الوقت لعمل العقاقير وألا نتوقف بعد أسبوع فقط لأنك لا تشعر بأي تغيير ملموس، والاستشارة الطبية كل شهر تتيح حصر تأثير العلاجات الموصوفة .
جميع جوانب الألم تؤخذ في الاعتبار ويدخل المريض في برنامج لتخفيف آلامه. بعض الآلام المزمنة قد تختفي في نهاية المطاف عن طريق تلقي العلاج المستهدف.
في معظم الحالات، فإن الهدف من العلاج المتبع هو تخفيف الألم حتي لا يكون ذا تأثير كبيرعلى الحياة اليومية.
في بعض الأمراض لا تتم إزالة الألم تماما ولكن يتم الحد منه بشكل صارم، وهذه هى النقطة السوداء في مراكز تسكين الآلام (نجاحها)، فهناك قائمة انتظار طويلة لشخص ما يعاني من الألم (ما بين ثلاثة وستة أشهر)، ولكن عددهم لا يزال محدودا.. فنصف المرضى يخشون إدمان العلاج.
“هناك ثلاثة مستويات من المسكنات – كما يقول الدكتور بوكار – الأول يضم الباراسيتامول والأسبرين والأيبوبروفين ويخصص للآلام المعتدلة، والفئة الثانية تشمل المسكنات التي تحتوي على مشتقات الأفيون مثل الكوديين والترامادول، أما الفئة الثالثة فهي مكونة من المسكنات الأفيونية مثل المورفين”.
أما الآلام ذات المنشـأ العصبي والناجمة عن الاختلال الوظيفي في الأعصاب، تتطلب استخدام المسكنات الغير تقليدية مثل عقار الـ Lyrica أو Laroxyl.
العلاجات التكميلية مثل التنبيه الكهربائي العصبي(TENS) والتي تستخدم التيار الكهربائي على الجهد المنخفض جدا وتنتقل عن طريق أقطاب كهربائية، قد تكون فعالة في تخفيف الألم.
في نهاية المطاف، وبعد تناول الأدوية لفترة ما، يكون التأثير علي الألم سلبياً، ولا يوصي بتسلسل المشاورات والوصفات للخروج من دائرة الألم حتي لا تتراكم الأدوية بجسمك وتجد نفسك حائرا بين العلاجات.
وينبغي أن يكون المحيطون بك على فهم جيد لنطاق آلامك لمساعدتك في التخفيف عن مشاعرك، والألم لا يشفي بدون دواء، والجانب النفسي أمر بالغ الأهمية.
يقول الدكتور “بوكار” محللا: “لا يجب التوقف عن العلاج إلا لسبب بدني.. الألم ظاهرة يديرها الدماغ من خلال مناطق مختلفة، ويجب علي الأطباء أن يدركوا البعد العاطفي للألم من خلال اتخاذ طرق رعاية أفضل”.
ذاكرة الجسد مهمة في مظاهر النوبات المؤلمة، فتعلم أن تعبر عن الألم في كلمات، والتحدث عنه دون قيود يساعد على تخفيفه، واللجوء لمعالج يمكن أن يكون مفتاحا لفهم الألم الخاص بك للمساعدة علي مكافحته.
هذا هو دورك كي تقوم بانتهاج أسلوب حياة استرخائي لتهدئة الألم، على سبيل المثال يوصى باستخدام الحرارة عن طريق وضع وسائد حرارية في المناطق الحساسة لتخفيف الألم، ممارسة النشاط البدني بانتظام، راحة النوم واتباع نظام غذائي متوازن، كل هذه العناصر تشارك في إدارة أفضل للألم.
سجل عدد مرات حدوث الألم يوميا، خصائصه وتقلباته، والكثير من القرائن التي يمكن أن تساعد الطبيب وتمكنه من التأثير مباشرة على مصدر العلل.
Comments are closed.