كسرت المخرجة السعودية هيفاء المنصور كل الحواجز التى فرضت على المرأة فى المملكة العربية السعودية ودخلت المجال السينمائى وهى تحلم أن تجد كل إمرأة فى المملكة طريقها ومن يستمع إليها ويحقق أحلامها وليس فقط بعد أن تصبح شابة قوية تستطيع أن تتكلم وتطالب بما تريد ولكن منذ طفولتها التى تحرم فيها من أبسط الأشياء مقارنة بالذكور الذين يعاملون كالرجال منذ لحظة ولادتهم، بحسب قولها.
وتعبر هيفاء المنصور عن أحلامها فى أول فيلم سينمائى طويل يصور فى السعودية وهو «وجدة» وهذا هو العمل الأول لها بعد أن قدمت ثلاثة أفلام وثائقية، منها «نساء بدون ظل» لتكون بذلك أول مخرجة سعودية تتحدى كل الأعراف وتحقق المستحيل وتقتحم هذا المجال. ويشارك هذا الفيلم فى الدورة التاسعة والستين لمهرجان فينيسيا السينمائى الذى ستنطلق فاعلياته نهاية الشهر الحالى لينافس على جوائز اوريزونتى «آفاق» التى تنافس فيها مصر بفيلم «الشتا إللى فات». وتدور أحداث الفيلم حول فتاة تدعى «وجدة» عمرها أحد عشر عاما نشأت فى الرياض وكان حلمها أن تمتلك دراجة خضراء وأن تستطيع ركوبها وهو ما يحظر على المرأة فى بلادها أن تفعله ولكن لم تستطع هذه القوانين والقواعد أن تقيد أحلام هذه الفتاة.
تقول هيفاء: «أشعر بالفخر لأننى صورت أول فيلم سينمائى داخل المملكة السعودية وهو إنجاز كبير»، مضيفة «نشأت فى قرية صغيرة هناك حيث الكثير من الفتيات مثل بطلة فيلمى وجدة لديهن أحلام كبيرة ويمتلكن شخصيات قوية ويتحلين بالصبر فى مواجهة الحياة، فهؤلاء الفتيات يستطعن القيام بإعادة تشكيل وتحديد أمتنا». وكشفت عن أسباب تقديمها واهتمامها بقضايا وأحلام المرأة السعودية قائلة «عندما بلغت الثلاثين أردت أن يكون لى صوت، فالناس لا تستمع للنساء فى السعودية فهم يقفزون إلى الرجل التالى فى الصف ليتحدث، معتبرين أن المرأة ليست موجودة وهذا هو سبب تقديمى لأفلام تتحدث عن المرأة ومشاكلها هناك، هذا إلى جانب أنى أحببت الأفلام وقررت أن أغير مسارى وأكون مخرجة وهو ما فعلته وأتمنى أن يكون هذا سببا فى إلهام الكثير من النساء فى السعودية للعمل كمخرجات مثلى».
وأشارت هيفاء إلى أن بطلة الفيلم هى نموذج حى لما يحدث، «فالفتاة مشرقة ودائما تريد أن تفعل أشياء كثيرة ولكن عائلتها تقليدية جدا ويريدون منها أن تجلس دائما فى البيت مثل الأخريات، فكل الأنشطة الخارجية ممنوعة مثل ركوب الدراجات والقانون لا يمنعها ولكنها تسبب المشاكل لذا الفيلم يعتبر نقلا لواقع مثل هؤلاء الفتيات».
وتربت هيفاء، كما ذكرت فى أسرة مؤمنة بأنهم يجب أن يتيحوا لأولادهم أن يفعلوا كل ما يريدون وأنه تعرض والدها للكثير من الضغط ليتوقف عن ذلك الا أنه لم يستمع إلى من يضغطون عليه وظل يسير بنفس الطريقة بدون تغيير معهم.
وكشفت هيفاء أنها تعرضت لتهديدات كثيرة لتتوقف عما تفعل، وقالت: «تلقيت بعض مكالمات التهديد ومنهم من كان يهددنى بالقتل، ولكن لم يشكل لى الأمر أى أهمية وكل من يعمل فى مجال الاعلام هناك يتلقى تهديدات مثلى بالقتل». وسعت هيفاء ليكون انتاج الفيلم أوروبى لتضمن أن يعرض عالميا، مضيفة «إذا أراد السعوديون أن يشاهدوا الفيلم.. فسيكون عليهم أن يسافروا إلى البحرين وهو أمر محزن بالفعل أن تسافر لتشاهد فيلم صور وأنتج فى السعودية».
واختارت أن يكون ممثلى الفيلم من السعودية ومن ضمنهم ريم عبدالله الممثلة السعودية التى اشتهرت بأعمالها التليفزيونية، أما فريق العمل فمنهم بعض المحترفين من ألمانيا.
وأشارت إلى أنها واجهت الكثير من الصعوبات والتحديات فى التصوير واختيار فريق العمل خاصة فى اختيار الممثلات لأنه من الصعب أن تجد سيدات يمكن أن يتحدين التقاليد ويقفن أمام الكاميرا.
ومن أصعب الأمور التى واجهتها كان اختيار الفتاة، وقالت «استغرق اختيار الفتاة التى ستقوم بدور (وجدة) الكثير من الوقت ولأنه لم يكن من الممكن أن نعلن عن اختبارات ليتقدم الينا من نختار من بينهن بحثنا طويلا حتى وجدناها قبل بدء التصوير بأسبوع، فالسعودية ليست بالمكان السهل للعمل به لأن الناس تنظر إلى الكاميرا على أنها أمر فاسد وكان يغضب بعض الناس بسبب وجود الكاميرا معنا، ولكنى أرى أن هناك الكثيرين من الشباب يستخدمون الكاميرا الآن ومرتبطون بالتكنولوجيا من حولهم وعندما تكون الأفلام واقعا ستكون دور العرض واقعا أيضا.
Comments are closed.