هل يجوز للزوجة اعطاء الاهل من مال الزوج بدون علمه؟

هل يجوز للزوجة ان تعطى امها من مال زوجها دون علمة او من مصروف بيتها الذى توفره دون علم الزوج؟
يجيب على هذه الفتوى الدكتور عبدالله سمك: اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَتَصَدَّقَ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا لِلسَّائِل وَغَيْرِهِ بِمَا أَذِنَ الزَّوْجُ صَرِيحًا. كَمَا يَجُوزُ التَّصَدُّقُ مِنْ مَال الزَّوْجِ بِمَا لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ، وَلَمْ يَنْهَ عَنْهُ إِذَا كَانَ يَسِيرًا عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ: (الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَهُوَ الرَّاجِحُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ).
وَيَسْتَدِل الْفُقَهَاءُ عَلَى الْجَوَازِ بِمَا رَوَتْ عَائِشَةُ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا – قَالَتْ: قَال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا أَنْفَقَتِ الْمَرْأَةُ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا غَيْرَ مُفْسِدَةٍ، كَانَ لَهَا أَجْرُهَا وَلَهُ مِثْلُهُ بِمَا اكْتَسَبَ، وَلَهَا بِمَا أَنْفَقَتْ، وَلِلْخَازِنِ مِثْل ذَلِكَ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْتَقِصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا وَلَمْ يَذْكُرْ إِذْنًا.
وَعَنْ أَسْمَاءَ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا – أَنَّهَا جَاءَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، لَيْسَ لِي شَيْءٌ إِلاَّ مَا أَدْخَل عَلَيَّ الزُّبَيْرُ فَهَل عَلَيَّ جُنَاحٌ أَنْ أَرْضَخَ (أعطي الشَّيْءَ الْيَسِيرَ) مِمَّا يُدْخِل عَلَيَّ؟ فَقَال: ارْضَخِي مَا اسْتَطَعْتِ، وَلاَ تُوعِي فَيُوعِيَ اللَّهُ عَلَيْكَ.
وَلأِنَّ الشَّيْءَ الْيَسِيرَ غَيْرُ مَمْنُوعٍ عَنْهُ فِي الْعَادَةِ.
وَيَقُول النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِهِ لِصَحِيحِ مُسْلِمٍ: الإْذْنُ ضَرْبَانِ: أَحَدُهُمَا: الإْذْنُ الصَّرِيحُ فِي النَّفَقَةِ وَالصَّدَقَةِ، وَالثَّانِي: الإْذْنُ الْمَفْهُومُ مِنَ اطِّرَادِ الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ، كَإِعْطَاءِ السَّائِل كَعُمْرَةٍ وَنَحْوِهَا مِمَّا جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ، وَاطَّرَدَ الْعُرْفُ فِيهِ، وَعُلِمَ بِالْعُرْفِ رِضَا الزَّوْجِ وَالْمَالِكِ بِهِ، فَإِذْنُهُ فِي ذَلِكَ حَاصِلٌ وَإِنْ لَمْ يَتَكَلَّمْ.
وَمِثْلُهُ مَا حَرَّرَهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ حَيْثُ قَال: وَيَحْتَمِل عِنْدِي أَنْ يَكُونَ مَحْمُولاً عَلَى الْعَادَةِ. وَأَنَّهَا إِذَا عَلِمَتْ مِنْهُ، أَنَّهُ لاَ يَكْرَهُ الْعَطَاءَ وَالصَّدَقَةَ فَعَلَتْ مِنْ ذَلِكَ مَا لَمْ يُجْحِفْ، وَعَلَى ذَلِكَ عَادَةُ النَّاسِ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: غَيْرَ مُفْسِدَةٍ.
وَيَقُول ابْنُ قُدَامَةَ: الإْذْنُ الْعُرْفِيُّ يَقُومُ مَقَامَ الإْذْنِ الْحَقِيقِيِّ، فَصَارَ كَأَنَّهُ قَال لَهَا: افْعَلِي هَذَا وَفِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: لاَ يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ التَّصَدُّقُ مِنْ مَال زَوْجِهَا وَلَوْ كَانَ يَسِيرًا، لِمَا رَوَى أَبُو أُمَامَةَ الْبَاهِلِيُّ قَال: سَمِعْتُ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول: لاَ تُنْفِقُ امْرَأَةٌ شَيْئًا مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا إِلاَّ بِإِذْنِ زَوْجِهَا، قِيل: يَا رَسُول اللَّهِ: وَلاَ الطَّعَامَ؟ قَال: ذَاكَ أَفْضَل أَمْوَالِنَا.
قَال ابْنُ قُدَامَةَ: وَالأْوَّل – أَيِ الْجَوَازُ بِالشَّيْءِ الْيَسِيرِ – أَصَحُّ، لأِنَّ الأْحَادِيثَ فِيهَا خَاصَّةٌ صَحِيحَةٌ، وَالْخَاصُّ يُقَدَّمُ عَلَى الْعَامِّ.
أَمَّا إِذَا مَنَعَهَا مِنَ الصَّدَقَةِ مِنْ مَالِهِ، وَلَمْ يَكُنِ الْعُرْفُ جَارِيًا بِذَلِكَ، أَوِ اضْطَرَبَ الْعُرْفُ، أَوْ شَكَّتْ فِي رِضَاهُ، أَوْ كَانَ شَخْصًا يَشُحُّ بِذَلِكَ، لَمْ يَجُزْ لِلْمَرْأَةِ وَغَيْرِهَا التَّصَدُّقُ مِنْ مَالِهِ إِلاَّ بِصَرِيحِ إِذْنِهِ، كَمَا حَقَّقَهُ النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ.
Comments are closed.